قوارب النمل والحقائق الفارغة
قــوارب النـــمل والحقــــائق الفارغــــة
للتشكيلي الكوردي :نهاد عبد القادر
- عبارات كثيرة تخطر في بالك ويتوارد على ذهنك أخيلة وأفكار عديدة كقوارب النمل الغازية مع تباشير الحصاد اﻷولى ما بعد بزوغ نجمة الصباح وكذلك الكتابة عن الفن وماهيته وما هي الدواعي والدوافع لوجوده وما هي رسالته في حياتنا من حيث فوائده المعنوية والجمالية على حد سواء وهل هناك علاقة جدلية ما بين الفن والواقع أسئلة كثيرة تطرح على الفنان والمتذوق في اﻷن معا. وما الفن باعتقادي إلا تلك البركة التي تنعكس منها أشعة الشمس اﻷبدية أو تلك الظلال الورافة تحت أوراق اﻷغصان المتراقصة على أنغام اﻷثير حيث تمر بمحاذاتها جداول رقراقة تعترض سبيلها شجيرات الشوك الجافة أو لربما الخضراء أو تلك الزوبعة التي تثير فينا الدهشة والمتعة أو تلك العصافير المنتشرة على حبل ما قبل غروب شمس اﻷصيل وهي تنقر ريشها المنفوش باتقان وتأن ...الفن هو عين الحقيقة وأختها الشمس والنجوم والكواكب البعيدة وأخاه القمر والشهب والنيازك العابرة لليل صيف ساجر وما يصنعه ريشة التشكيلي نهاد عبد القادر إلا مزيج حي من تلك اﻷشياء الغير المرئية والغير المنسجمة وتجربة نهاد فريدة في هذا المضمار والدخول إلى عوالمه مغامرة ممتعة من حيث الشكل والمضمون وما الشكل إلا تلك الكائنات الحية الغير المتجانسة مع بعضها البعض ومع الواقع كالطير الذي برأسين أحداهما رأس بشري والمفارقة هنا وفي اللوحة بالذات حيث اﻷجنحة تكون فيها لﻹنسان الذي يبدو بأنه مسلوب الارادة من الداخل يحلم بالحرية واﻷمان والانطلاق بها نحو اﻷفق اﻷعلى...أو كبش محاط بكرة رمادية محببة للنفس قريبة للقلب يتقاسمه بالتساوي لونان متنافران لا يجتمعان كاﻷحمر القريب من الشفق والرمادي القريب من البكاء المشوب بالفرح الحزين يعلوه رأس امرأة شبيهة بالماعز البري وبقرنين في وسطهما كرة بيضاء وجديلتين اثنتين قصيرة وطويلة ...أو ثور بجناحين على هيئة انسان يقف على قدمين و على جناحيه مدن وبيوت داخل كرة ...وكذلك أذهلني أكثر عندما رأيت ذاك الطائر ذو الوجه البشري الذي يستند على عكازة وفي وجهه علامات الدهشة والريبة والاستغراب أو لربما الحيرة مما يجري في الوطن السوري وكأنه خارج لتوه من معركة الرابح فيها هو الخاسر اﻷكبر...أما تلك السمكة الطيارة هل هي أيضا تحلم بيوم جديد وبالحرية وسط هذه المعمعة حيث تحول البحر إلى مقبرة كبيرة تبلع الهاربين والباحثين عن اﻷمان والحياة الجديدة لربما هربا من أزير الرصاص وصراخ اﻷرواح البريئة تحت ضربات الخوف والرعب...وإن كل لوحات نهاد كأنها خارجة للتو من حرب عبثية لا معنى لها حيث شوهت كل اﻷشياء الثمينة والجميلة من الداخل والخارج. إن تجربة نهاد عبد القادر التشكيلية وخاصة في لوحاته اﻷخيرة لهي جديرة بالدراسة والتحليل من قبل النقاد والمختصين الموهوبين ، تجربة فنان سوري كردي عاش الحرب وويلاتها وتناقضاتها التي أحرقت اﻷخضر واليابس وأثر على الحجر والبشر وزرعت في أعماق الوجدان جرحا لن يندمل في الوقت القريب على ما يبدو. والفنان لا يقدر أن يعبر ويشارك إلا من خلال ألوانه وأدواته الخاصة واحساسه المرهف جدا ولن يقدر على أن يتحمل القتل والدمار والتشريد وهو يرى بأم عينه وبمشاعره الجياشة المتمعجن باﻵهات وآلام بني وطنه وجلده وما كائناته السابحة والمشوهة بين اﻷبيض وﻷسود إلا دليل وتعبير على محاكاته لرفض ما يجري وما هو إلا انعكاس وصورة حية وجلية لعوالمه الداخلية المأزومة والمتصارعة وصرخة مظلوم في وجه القهر واﻻستبداد والعبودية. وما أماني كائناته المشوهة إلا نتاج حرب طاحنة وغير معقولة ومقبولة على اﻹطلاق حيث أثرت الصدمة وشوهت كل ما هو جميل ورائع ودليل آخر على معاناة اﻹنسان من جراء القتل والتدمير والتشريد وما أبدعه ريشة نهاد عبد القادر إلا رفض للكره والحقد والفتنة المتوحشة وبحث عن الحب والسلام والعدل وسبل النجاة وخطر الوقوع أكثر فأكثر بين مخالب الضباع الجائعة وبراثن الذئاب المجروحة وما رمزية تلك اﻷجنحة إلا دليل على غد يحلم فيه الفقراء بالطيران والخلاص وبالتالي صرخة في وجه ديكة المزابل بالكف عن المتاجرة باﻹنسان والموت المجاني والخراب وهي دعوة إلى الوحدة والحرية والعطاء الدائم والمستمر إلى أبعد الحدود.
للتشكيلي الكوردي :نهاد عبد القادر
- عبارات كثيرة تخطر في بالك ويتوارد على ذهنك أخيلة وأفكار عديدة كقوارب النمل الغازية مع تباشير الحصاد اﻷولى ما بعد بزوغ نجمة الصباح وكذلك الكتابة عن الفن وماهيته وما هي الدواعي والدوافع لوجوده وما هي رسالته في حياتنا من حيث فوائده المعنوية والجمالية على حد سواء وهل هناك علاقة جدلية ما بين الفن والواقع أسئلة كثيرة تطرح على الفنان والمتذوق في اﻷن معا. وما الفن باعتقادي إلا تلك البركة التي تنعكس منها أشعة الشمس اﻷبدية أو تلك الظلال الورافة تحت أوراق اﻷغصان المتراقصة على أنغام اﻷثير حيث تمر بمحاذاتها جداول رقراقة تعترض سبيلها شجيرات الشوك الجافة أو لربما الخضراء أو تلك الزوبعة التي تثير فينا الدهشة والمتعة أو تلك العصافير المنتشرة على حبل ما قبل غروب شمس اﻷصيل وهي تنقر ريشها المنفوش باتقان وتأن ...الفن هو عين الحقيقة وأختها الشمس والنجوم والكواكب البعيدة وأخاه القمر والشهب والنيازك العابرة لليل صيف ساجر وما يصنعه ريشة التشكيلي نهاد عبد القادر إلا مزيج حي من تلك اﻷشياء الغير المرئية والغير المنسجمة وتجربة نهاد فريدة في هذا المضمار والدخول إلى عوالمه مغامرة ممتعة من حيث الشكل والمضمون وما الشكل إلا تلك الكائنات الحية الغير المتجانسة مع بعضها البعض ومع الواقع كالطير الذي برأسين أحداهما رأس بشري والمفارقة هنا وفي اللوحة بالذات حيث اﻷجنحة تكون فيها لﻹنسان الذي يبدو بأنه مسلوب الارادة من الداخل يحلم بالحرية واﻷمان والانطلاق بها نحو اﻷفق اﻷعلى...أو كبش محاط بكرة رمادية محببة للنفس قريبة للقلب يتقاسمه بالتساوي لونان متنافران لا يجتمعان كاﻷحمر القريب من الشفق والرمادي القريب من البكاء المشوب بالفرح الحزين يعلوه رأس امرأة شبيهة بالماعز البري وبقرنين في وسطهما كرة بيضاء وجديلتين اثنتين قصيرة وطويلة ...أو ثور بجناحين على هيئة انسان يقف على قدمين و على جناحيه مدن وبيوت داخل كرة ...وكذلك أذهلني أكثر عندما رأيت ذاك الطائر ذو الوجه البشري الذي يستند على عكازة وفي وجهه علامات الدهشة والريبة والاستغراب أو لربما الحيرة مما يجري في الوطن السوري وكأنه خارج لتوه من معركة الرابح فيها هو الخاسر اﻷكبر...أما تلك السمكة الطيارة هل هي أيضا تحلم بيوم جديد وبالحرية وسط هذه المعمعة حيث تحول البحر إلى مقبرة كبيرة تبلع الهاربين والباحثين عن اﻷمان والحياة الجديدة لربما هربا من أزير الرصاص وصراخ اﻷرواح البريئة تحت ضربات الخوف والرعب...وإن كل لوحات نهاد كأنها خارجة للتو من حرب عبثية لا معنى لها حيث شوهت كل اﻷشياء الثمينة والجميلة من الداخل والخارج. إن تجربة نهاد عبد القادر التشكيلية وخاصة في لوحاته اﻷخيرة لهي جديرة بالدراسة والتحليل من قبل النقاد والمختصين الموهوبين ، تجربة فنان سوري كردي عاش الحرب وويلاتها وتناقضاتها التي أحرقت اﻷخضر واليابس وأثر على الحجر والبشر وزرعت في أعماق الوجدان جرحا لن يندمل في الوقت القريب على ما يبدو. والفنان لا يقدر أن يعبر ويشارك إلا من خلال ألوانه وأدواته الخاصة واحساسه المرهف جدا ولن يقدر على أن يتحمل القتل والدمار والتشريد وهو يرى بأم عينه وبمشاعره الجياشة المتمعجن باﻵهات وآلام بني وطنه وجلده وما كائناته السابحة والمشوهة بين اﻷبيض وﻷسود إلا دليل وتعبير على محاكاته لرفض ما يجري وما هو إلا انعكاس وصورة حية وجلية لعوالمه الداخلية المأزومة والمتصارعة وصرخة مظلوم في وجه القهر واﻻستبداد والعبودية. وما أماني كائناته المشوهة إلا نتاج حرب طاحنة وغير معقولة ومقبولة على اﻹطلاق حيث أثرت الصدمة وشوهت كل ما هو جميل ورائع ودليل آخر على معاناة اﻹنسان من جراء القتل والتدمير والتشريد وما أبدعه ريشة نهاد عبد القادر إلا رفض للكره والحقد والفتنة المتوحشة وبحث عن الحب والسلام والعدل وسبل النجاة وخطر الوقوع أكثر فأكثر بين مخالب الضباع الجائعة وبراثن الذئاب المجروحة وما رمزية تلك اﻷجنحة إلا دليل على غد يحلم فيه الفقراء بالطيران والخلاص وبالتالي صرخة في وجه ديكة المزابل بالكف عن المتاجرة باﻹنسان والموت المجاني والخراب وهي دعوة إلى الوحدة والحرية والعطاء الدائم والمستمر إلى أبعد الحدود.
بقلم الشاعر : عمر بوزان